القائمة الرئيسية

الصفحات

الفتوى بين "مطابقة الشرع ومسايرة الأهواء"

"وهم الخلاف" جسر العبور نحو اليسير من الفتاوى دون اتباع قوة الدليل أينما حل! 


"النقاب" فرض عند السلف لا خلاف وهذا ما اتفق عليه الجمهور وهو الرأي الراجح لتحالف الأدلة!، ولازال البعض يرمي بالمسألة إلى ملعب الخلاف لتبقى بين هذا وذاك وأينما كان اليسر حللت فيه وشجعته! 


فلا تكاد تجد فتاة تقول لها النقاب فرض لتظهر شبح "المسألة فيها خلاف" في بداية النقاش! 


والآن نعود إلى الكلام في الصورة بكل بساطة وسلاسة يقول [[ لا حرج في اتباع أي منهما عند الحاجة ]] فلا حرج عليك باتباع الأيسر فترى هنا الفتوى بين "مطابقة الشرع ومسايرة الأهواء"..! وهذا مخالف لقول الجمهور (( وهذا إن قلنا بوجود خلاف فعلي حول فرضية النقاب ))



فالأصل في القاعدة والتي ذهب إليها عامة العلماء إلى أنه ليس للمفتي تتبع رخص المذاهب، بأن يبحث عن الأسهل من القولين أو الوجهين ويفتي به، ذلك أن الراجح في نظر المفتي هو في ظنه حكم الله تعالى، فتركه والأخذ بغيره لمجرد اليسر والسهولة استهانة بالدين، شبيه بالإنسلاخ منه، ولأنه شبيه برفع التكليف بالكلية، إذ الأصل أن في التكليف نوعاً من المشقة، فإن أخذ في كل مسألة بالأخف لمجرد كونه أخف، فإنه ما شاء أن يسقط تكليفاً، من غير ما فيه إجماع، إلا أسقطه.


ففتوى هذا الرجل باطلة ليس لها أصل!، يدخلون للعوام من باب أن "الدين يسر وليس عسر"، دين الله تشريع محكوم ثابت ليس فيه تغيير في ضوابطه!، فلا يوجد غريب يُصبح أخا في الكشف أمامه! ولا يوجد إسقاط مشقة النقاب عند القيام بالأعمال في الاختلاط! 


قال يحيى بن سعيد القطان: "لو أن رجلا عمل بكل رخصة: يعمل بمذهب أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع (يعني الغناء)، وأهل مكة في المتعة، لكان فاسقاً". [ ذكره ابن تيميه في المسودة، من رواية أحمد عنه ] 


وقال الأوزاعي: "من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام".


وقال الشاطبي: "تتبع الرخص ميل مع أهواء النفوس، والشرع جاء بالنهي عن اتباع الهوى".


وقال سليمان التيمي: "لو أخذت برخصة كل عالم، أو قال: زلة كل عالم، اجتمع فيك الشر كله".



والآن نستذكر "فرضية النقاب" في الكتاب والسنة: 


قال تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ قُل لِّأَزۡوَ ⁠جِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاۤءِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ یُدۡنِینَ عَلَیۡهِنَّ مِن جَلَـٰبِیبِهِنَّ ذَ ⁠لِكَ أَدۡنَىٰۤ أَن یُعۡرَفۡنَ فَلَا یُؤۡذَیۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا﴾ [الأحزاب ٥٩]


عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أمَرَ اللَّهُ نِساءَ المُؤْمِنِينَ إذا خَرَجْنَ مِن بُيُوتِهِنَّ في حاجَةٍ أنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِنَّ بِالجَلابِيبِ، ويُبْدِينَ عَيْنًا واحِدَةً. 

[ تفسير الدر المنثور ]


قَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي: تتغطى الْمَرْأَة بجلبابها فتستر رَأسهَا ووجهها وَجَمِيع بدنهَا إِلَّا إِحْدَى عينيها.[ تفسير السمعاني ]


عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾ [القصص: 25]، قال: (مستترة بكمِّ درعها أو بكم قميصها)؛ رواه الطبري (20/ 60)، ورواه ابن أبي حاتم، ولفظه: (... قائلة بثوبها على وجهها)؛ (إسناده صحيح)، قال ابن جرير: (تمشي على استحياء من موسى، قد سترتْ وجهها بثوبها)


عن عائشة رضي الله عنها قالت: "تسدل المرأة جلبابَها من فوق رأسها على وجهها"؛ رواه سعيد بن منصور بإسناد صحيح، وهو يؤيِّد حديثها الآخر: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحرِمات، فإذا حاذوا بنا، سدلتْ إحدانا جلبابَها من رأسها على وجهها، فإذا جاوَزونا كشفْناه)؛ رواه أحمد وأبو داود، ويؤيد ذلك أيضًا حديث أختها أسماء: (كنَّا نغطِّي وجوهنا من الرِّجال، ونمتشط قبل ذلك في الإحرام).


عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به"، فقلتُ - أي: أبو الشعثاء الراوي عنه -: وما "لا تضرب به"؟ فأشار لي: كما تجلبب المرأة، ثمَّ أشار لي ما على خدِّها من الجلباب، قال: "تعطفه وتضرب به على وجهها، كما هو مَسدول على وجهها"


عن فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها قالت: (كنَّا نخمِّر وجوهنا، ونحن محرِمات مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما)؛ رواه مالك (1/ 328)، وإسناده صحيح


عن عاصم الأحول قال: "كنَّا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلبابَ هكذا، وتنقَّبَت به، فنقول لها: رحمك الله! قال الله تعالى: ﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾ هو الجلباب، فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ [النور: 60]، فتقول: هو إثبات الجلباب".


والله المستعان