القائمة الرئيسية

الصفحات

زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من زينب رضي الله عنها بين ألسنة الحق وألسنة المنافقين

 



مسألة هذا الزواج كلها تعود إلى أصل السيرة وأصل التشريع والخنوع للحكمة التشريعية إبطالا لأحكام الجاهلية: 


أولا: لمن يقول أن رسول صلى الله عليه وسلم كان ينظر لزينب رضي الله عنها ووقع في حبها من أول نظرة وحاشا لرسول الله أن يفعل! 


زينب رضي الله عنها بالنبي صلى الله عليه وسلم هي ابنة عمه لم تكن مجهولة له ولا بعيدة عنه، وقد تربت على عين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رآها بطبيعة الحال وعرفها طفلة، وصبية وشابة.


ثانيا: أصل زواج زيد من زينب رضي الله عنهما


 يجب معرفة أن الأصل عند العرب سابقا هو الأخذ بالفوارق الاجتماعية فلا يتزوج الرقيق من الحر وهكذا، فكانت زينب رضي الله عنها ذات حسب ونسب وكان زيدا عبدا ثم أعتق، وتبناه الرسول صلى الله عليه وسلم فأراد رسول الله أن يحقق المساواة الاجتماعية ويكسر حاجز الفوارق فزوج زيدا من زينب.


قال الإمام ابن كثير: قال العوفي: عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ﴾ الآية... وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة رضي الله عنه، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها فخطبا، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلى فانكحيه»، قالت: يا رسول الله أؤمر في نفسي فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ الآية. قالت: قد رضيته لي يا رسول الله منكحاً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم»، قالت: إذاً لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي.


ثالثا: علاقة زيد بزينب رضي الله عنهما بعد الزواج 


تم الزواج، ومكث زيدٌ مع زينب سنة تقريبا أو أكثر لكن لم تكن أمرهما على ما يرام..! 


فجاء زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه مرة بعد مرة وفي كل هذا ينصحه النبي صلى الله عليه وسلم بالإبقاء على عشرتها وإمساكها ويتقي الله فيها.. 


قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: 37].

 

وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اتق الله وأمسك عليك زوجك»، قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئا لكتم هذه.


الحكمة التشريعية إبطالا لأحكام الجاهلية 


كان الله قد أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن زيداً سيطلق زينب وأنها ستكون زوجة له بعد ذلك وهي "إبطال آثار التبني" التي كانت شائعة في ذلك الوقت ومنها أن مطلقة المتبنى يحرم زواجها على ممن تبناه كما يحرم زواج الأب من مطلقة ابنه الذي من صلبه..


روي عن علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أوحى الله تعالى إليه أن زيداً يطلق زينب، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها، فلما تشكى زيدٌ للنبي صلى الله عليه وسلم خُلق زينب، وأنها لا تطيعه، وأعلمه أنه يريد طلاقها، قال له صلى الله عليه وسلم على جهة الأدب والوصية: «اتق الله» في قولك «وأمسك عليك زوجك»، وهو يعلم أنه سيفارقها ويتزوجها، وهذا هو الذي أخفى في نفسه، ولم يُرد أن يأمره بالطلاق لما علم أنه سيتزوجها، وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحقه قول من الناس في أن يتزوج زينب بعد زيد، وهو مولاه، وقد أمره بطلاقها، فعاتبه الله تعلى على هذا القدر من أنه خشي الناس في شيء قد أباحه الله له، بأن قال: «أمسك» مع علمه بأنه يطلق، وأعلمه أن الله أحق بالخشية، أي في كل حال، والمراد بقوله ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ﴾ إنما هو إرجاف المنافقين، بأنه نهى عن تزوج نساء الأبناء، وتزوج بزوجة ابنه.


فكانت الحكمة التشريعية خلف هذا إبطالا لحكم جاهلي بعمل واقعي ملموس يقول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [الأحزاب: 37].


فقط هذا ومن يأتي بأسانيد ضعيفة بفرض تشويه صورة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كاذب منافق لا يريد اتباع الحق، لا توجد شبهة في هذا الأمر أبدا هي فقط ترديد كلام ورمي الفتن في النفوس بغرض إعراض الناس عن دينهم.