القائمة الرئيسية

الصفحات

"استحقاقية الرأسمالية تُسقط متلطلبات النسوية..!"

 1- تحرير مفاهيم : 

أ- الرأسمالية :
نظام اقتصادي ونمط إنتاج يقوم على مبادئ الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والمبادرة الفردية والمنافسة الحرة وتقسيم العمل وتخصيص الموارد عبر آلية السوق دون الحاجة إلى تدخل مركزي من الدولة. 

✓ يؤمن النظام الاقتصادي الرأسمالي بالربح المادي محفزا للأفراد على المبادرة والمخاطرة واستثمار رؤوس الأموال لكسب المزيد من الأرباح ومضاعفة الثروات، كما يعتقد أنصاره أن قوة تراكم رأسمال هي السبيل إلى النمو والتنمية الاقتصادية، من خلال تمويل الاستثمارات الضخمة والمشاريع الكبرى.


وسيقول سائل ما علاقة الرأسمالية بالنسوية؟ 

وماهي دعوى النسوية بالأصل إلا لدعوة النساء للتصالح مع النظام الرأسمالي الذي لا يرى فيهن إلا جنوداً يوظفهم للإبقاء على المصانع قائمة وإنتاج المزيد من البضائع بأقل تكلفة مقدماً لهن فتاتاً لا يكاد يكفيهن قوت يومهن! 


فتخيل معي تلك النسوية القائلة "لولا ظلم الرجال ما ظهرت الحركات النسوية..!" 


العجيب في هذا التصور بـ "المظلومية" هو التصور مما لا يكمن في فرع التصور نفسه!، يتحدثون على أن "الظلم" هو سبب انفجار وتولد "الفكر النسوي"، وكأن هذا الفكر قد ألغى "المظلومية" عن المرأة في ظل اعتقادها هذا! 


فالمرأة وبعد المساواة التي طالبتم بها وحققتم ما أردتم منها لازالت تواجه أصنافا متعددة من التمييز في سوق العمل نفسه الذي بنيتموه!


✓ من أجر منخفض

✓ عدم الحصول على إجازات مدفوعة الأجر عند الحمل والإنجاب

✓ التحرش من قِبل زملائها ومديريها والذين يستغلون "خشية المرأة" من الفضيحة وتواطؤ المجتمع على تحميل المرأة العبء الأكبر مما يمنعها من الوقوف في وجههم أو المطالبة بحقها..! 


فهل بعد هذه "المُطالبات والنتائج" يُمكننا التصريح بالفشل الذريع للنسوية؟ 


النسوية فشلت رغم مساعيها الكبيرة في تحصيل (( حقوق بسيطة )) حسب زعمها، فالأمر الذي ينعكس سلباً على المرأة العاملة وحياة عائلتها ككل فأين مظلومية الرجل هنا؟ 


فحركات الترويج لعمل المرأة ليست إلا وسيلة لإخضاعها لقوانين سوق العمل تحت رعاية "الرأسمالية"، وذلك بالنظر للنساء والفتيات كفئة أولى مستهدفة في "قطاع التنمية الاقتصادية والموارد البشرية" وما ينبني عليه من تسابق المنظمات والشركات للمساهمة في تمويل المشاريع التنموية التي تستهدف المرأة..! 


فمحاولات تخلص النسوية من العبودية [ حسب التصور النسوي ]  ليس إلا توليدا لعبودية جديدة من نوع آخر! 


فتتحرّر من عبودية التمييز في الجنس لتجد نفسها تحت رحمة عبودية أخرى: 


✓ التمييز وفقاً للطبقة الاجتماعية..!

✓ تشكيل نمط حياة الأفراد ودفعهم إلى سوق العمل والتحكم في أوساط عيشهم! 


ما يحضرني لوصف هذه الحالة قول آيزنستاين حين تحدث عن سعي المؤسسات المالية العالمية لصنع ما يُدعى نسوية "مهيمنة" بما يخدم مصالحها وأهدافها الاقتصادية، بينما تتغنّى بشعارات براقة من قبيل "محاربة الفقر والتخلف والتعليم والتدريب وتوفير فرص عمل للفتيات والنساء"


تحررتِ من عبودية الزواج والإنجاب إذا بكِ تقعين في عبودية منع الإنجاب! 


كما قالت باتريك "لقد انتقلنا من نظرة المحافظين في مرحلة ما بعد الحرب العالمية للمرأة بصفتها أحد أملاك الرجل التي تنحصر وظيفتها في خدمته وإنجاب الأطفال، إلى وعظها بضرورة تأجيل الحمل أطول فترة ممكنة وربما إلى الأبد للنجاح في مسيرتها المهنية.." 


فالأمر ليس تحررا ولا تنويرا بل كل ما في الأمر هو الانزلاق من سقف البيت بكل ما فيه من معان وأساسيات لو فهمتها المرأة لما خرجت!، إلى الوقوع في حفرة لامتناهية من العبودية الرأسمالية وعبودية السوق والريادة الاقتصادية! 


تقول ستكين إن شيريل ساندبيرغ "اثنِ نفسك إلى الأمام: النساء والعمل والرغبة في القيادة" مساحةً كافيةً للحديث عن المصاعب التي تواجهها النساء عند غياب الرجل أو عدم وجود زوج إلى جانبهن.


النسوية = ليست إلا فكرا يُخضع النساء تحت سُلطة السوق فما إن تتمردي على البيت والمجتمع تقعين في فخ تحجيم المطالب، ما إن تطالبين بالحرية من الأهل والبيت والزوج تسقطين في جحر ينافي حريتك مقابل ماذا؟ مقابل القيام بسوق العمل بالربح والقوة العاملة! 


فالخلاصة كونك نسوية فإنك لم تخرجي عن نطاق الاستعباد وتقف حريتك عند القرارات والقواعد البيروقراطية المتحمكة في سوق العمل! 


فلا أعلم لمَ لا تقولين لا للرأسمالية! لا للاستبداد الاقتصادي! لا لاضطهاد السوق العملي وصُناع القرار! 


أنتِ كامراة عليكِ مطالبة "أصنام الرأسمالية" حق المسكن والمعيشة! 


حق التعبير عن الرأي وحق تقرير المصير في العيش ضمن حكم شرعي تحتكمين فيه لحكم دينك وليس للقانون الوضعي!


ماهو حق لكِ هو عدم إجبارك على العمل كالعبيد في القطاع الحكومي أو كعبد لدى الشركات لـ 8 ساعات يوميا لتوفير حاجياتك..! 


طالبي باسترجاع حقوقك في الاستقرار والاستغناء عن الحكومات والشركات..! 


كوني حرة من مطالب الرأسمالية!

تجدهن كل يوم يمشين في الشوارع عائدات من أعمالهن منهكات تحت أشعة الشمس أو البرد القارص وشعارات حقوق المراة الزائفة تمر عليهن دون حراك! 


فأين هي! 


لبس الشرائط والأحذية الوردية والهراء الذي يقومون به اليوم لم يخدم النساء بشي بل هي مجرد مسرحيات ووضع المرأة يسوء يوما عن يوما وهم غافلون..! 

" اقتباسات لتحليل مطالب الرأسمالية المنافية لمطالب النسوية"

في المملكة الحيوانية غالبًا ما تتزين الإناث -وأحياناً الذكور- لجذب شريك محتمل مما يزيد من فرص التكاثر وتخصيب بويضات الأنثى.


هدف الزينة واضح وبسيط عند كل الكائنات الحية: إنشاء أسرة واستمرار النسل وحماية الأطفال.


ولذا استثمر الإسلام في غريزة حب المرأة للتزين وبنى عليها الميثاق الغليظ للزواج وحرم التزين على كل امرأة لغير زوجها، لأن هدف التزين عائلي وليس شخصي.


في المقابل، تلاعبت الرأسمالية بالأنثى وأقنعتها أن حبها للتزين هدفه هو التجمل لذاته وسعادتها الشخصية فحسب بدون ربط التزين بتكوين أسرة أو جذب شريك.


ثم حرصت الرأسمالية على إنماء هذه النزعة للتزين عند الأنثى فقدمت لها كل شيء استهلاكي لتعزيزها: أدوات مكياج، موضة متغيرة، محلات ملابس، اكسسوارات، كل شيء مادي يصلح لزينة الأنثى أصبح سلعة تستفيد منها الرأسمالية.


إلا أن الرأسمالية سلبت من الأنثى أهم هدف يمكن استثماره لحب الأنثى للتزين: جذب شريك صالح والراحة النفسية في أسرة هادئة والشعور الأمان والسكينة والاستقرار.


فألقت الرأسمالية بالأنثى في غياهب السوق وجعلت التبرج والزينة شروطًا للأنثى لنزول السوق، فلم تنعم الأنثى لا بالأسرة ولا بالشريك بل ظلت أسيرة للمطحنة الرأسمالية مع مزيد من الإنفاق في التبرج والتزين الاستهلاكي.


فالحمدلله الذي أنعم على المسلمين وحفظ دينهم ودنياهم، وكم هي عظيمة هذه الآية: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ  وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. [ إسماعيل عرفة ]


__


في ٨ مارس عام ١٩٠٨ قامت عاملات النسيج في نيويورك باحتجاجات الخبز والورد، ثم تُليت باحتجاجات النساء الالمانيات في ٨ مارس ١٩١٤ للمطالبة بحق التصويت واستمر هذا اليوم ذو طابع نضالي اشتراكي.


ولكن في عصر الرأسمالية صار ٨ مارس يومًا تسوقيًا بامتياز، فصارت الشركات تستغله لتتبارى في إظهار أيهم أشد نسوية، فترى حتى عندنا في العالم الثالث تتنافس الشركات في الاحتفال بهذا اليوم، الأمر شبيه بشهر الفخر عند الشواذ الذي ما إن يبدأ حتى تغير الشركات العالمية شعارها بأعلامهم كوسيلة للتسويق.


ولكن هذه الاحتفالات لا تصحبها تغييرات حقيقية في واقع النساء في هذه الشركات، فقد لا تكون الأجور مناسبة أو يكون الدوام مرهق أو لا تتوفر إجازات مدفوعة للنساء مثلًا، فعوضًا عن الإحتفال بيوم المرأة، حسن ظروف العاملات.


كما قالت عصماء الدخري: "إن يوم المرأة هو يوم نسوي وليس يوم نسائي، فهو ذكرى نضالات النسوية الغربية وهذه النضالات لا تمثل جميع نساء الأرض، أضف لهذا فنحن كنساء مسلمات تعارض هذه المطالبات ديننا أساساً، فالإسلام لم يدعو لعمل المرأة والنصوص الصريحة في الكتاب والسنة تنفي المساواة بين الجنسين". 


____


قلتُ "الإعلانات" لمُختلف المنتوجات سواء كانت منتوجات "غسل الأواني" والنظافة بشكل عام أو منتوجات "الطبخ"، وغيرها من المنتوجات، كلها مستحقات للرأسمالية ورفع السوق ولا نجد ممثلات هذه الإعلانات إلا من النساء! 

فأين اعتراضات النسوية في متطلباتها على المساواة وعدم حصر الوظائف العملية المنزلية على النساء فقط!؟ 


الجواب أن النسوية تعيش تحت سقف العبودية، فتجد متطلباتها دائمة التثبيت تحت الخطاب الإقصائي للرأسمالية فلم تعد الاستحقاقية إلا للسوق الاقتصادية فقط وكل المعايير وقوالب التمكين وتحقيق المتطلبات الفردية للنسوية تُضرب عرض الحائط!


وحين تتأمل تطور موجات الذكاء الاصطناعي ستعلم يقينا أن هذه البشرية ستقضي بنفسها على نفسها! والأهم من كل هذا هو تخلي الرأسمالية عن "النسويات" واستبدالها بعاملات روبوت تعمل ولا تتعب وليس لها مقابل وهو المطلوب الذي لن تصلي إليه كـ "عاملة وموظفة"!

"خلاصة الكلام "

1- فعلت الرأسمالية بالغرب ما لم تفعله غيرها! فصحرت كل قلاع المجتمع من "قيم أخلاقية" و"مناهج إسلامية" وبنى تحتية للمجتمع من "هيكل الأسرة" و"الصورة الأصلية للمرأة" وغيرها حتى انها استرقت الشعوب..! وفقد الانسان "جانبه الروحي والمعنوي وأصبح سده لحاجياته ليس متعلقا إلا بالماديات ومنتجات الرأسمالية لأنها فى النهاية سلعة مقابل ثمن وتكلفة يدفعها الانسان من عمره مقابل لها حتى أن التيسير المادي منح الانسان الديون قبل ميلاده  ويولد مكبل بالديون..! وكل هذه مخلفات "الرأسمالية"، فالمحتمع الإنساني اليوم تحت نار الشركات المتعددة.

الجنسيات والتى لا يهمها غير الربحية وتوسيع قواعد المستهلكين والحصول على العمالة بأقل تكلفة..! 

2- ليس للنسويات هدف سوى السعي خلف تكييف خطاباتهن مع متغيرات السوق المستمرة..!، ليبقى مستوى الحرية النسوي مرتبطا بسقف السوق فقط، وما خروج المرأة للعمل إلا خدمة لأصحاب الرأسمالية الملاعين، فلعلكم تعقلون..!