القائمة الرئيسية

الصفحات

لا أثق بالناس.. فاخترتُ العُزلة..!

 



تصلني استشارات عديدة حول اختيار العزلة كحل للهروب من الواقع الحالي، واقع مرير يعيشه المُسلم زمن الغربة، لكن هل يصح في هذا زمن الميل للعزلة؟ 


دائما ما على المسلم تأمل قوله صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، فالقوة ليست قوة الأجساد فقط..! 


القوة في النفس، والصدع بالحق وفرض الاعتقاد الصحيح، كن قويا في الانقياد والتسليم بأمر الله، والحمد والشكر على ما قدره عليك، قوتك الحقيقية بالطاعة والصبر والمصابرة وحسن المعاملة والتدبير والتقدير..!


دائما ما يعود المرء في تحليل المفاهيم والمصطلحات إلى المعنى اللغوي والاصطلاحي، فالثقة هي الاعتماد بالأصل، فثقتك بكل الناس غير ضرورية، نحتاج إلى بناء جسر التعامل السطحي، يمكنني الانخراط والاختلاط بالبشر دون الاعتماد عليهم في شيء وليس من الضروري ولا أنت مجبر على أن تفعل! 


فوضع النقاط في السطور المناسبة وتحديد توجهاتي مع الناس أمر هام جدا لا مفر منه بالعزلة، فبدلا من الجلوس في الوحدة والخوف وقلة الثقة، اخرج للعلن والواقع بقناع السيطرة على قالب المعاملات في ضوء السطحية وما سنه لك الله ونبيه صلى الله عليه وسلم.. 


تعلم نقطتين في العلاقات: 

الاتفاق والأخلاق 


متى ما أسست العلاقات بهذين ارتحت، تعامل مع الناس بأخلاقك كمسلم، واتفق مع نفسك على أن علاقتك معهم في إطار سطحية السؤال والجواب والتعامل بقدر الحاجة، فتعاملك مع زميلك في العمل ليس كتعاملك مع جارك..! 


فهنا نعود للتحليل، رتب علاقاتك وأسسها على أصل القرب بينك وبين البشر، بدل اعتقاد الحل في العزلة لتضع النهج السليم في نفسك.. 


"الثقة" ليست واجبة في كل العلاقات والاعتماد ليس شرط اكتمالها، لكن الشرط الأساسي هنا هو الثقة بالنفس فهي ركن من أركان الشخصية القوية، وليست كذلك قائمة على القوة البدنية ثقتك تكمن في معرفة كيفية التحكم في الانفعالات وإنزال الناس منازلهم..


كونك طيب ليس أمرا سيئا، لكن السيء أن لا تتحكم في طيبتك، ليس كل موقف يحتاج طيبة وتقديم تنازلات، ليس كل فعل تكون ردة فعلنا اتجاهه هي الطيبة، من الأمور التي ستعينك على ترك العزلة هي معرفة كيفية التحكم في عواطفك وهذا يحدث بأمر واحد أن تنزل الناس منازلهم، كونك مُسلم تعبد الله عز وجل لا تتصف بالضعف، كلما أقبلت عليك قلة الثقة والشعور بالهوان والضعف أقبِل على الله عز وجل، فضع نصب عينيك قاعدة « أنزلوا الناس منازلهم »، متى ما عملت بهذه القاعدة زالت إشكالاتك، فلا تعظم الناس في قلبك فتغدو صغيرا كالذبابة ولا تصغرهم تغدو متكبرا مغرورا لا ترضي الله ولا رسوله..! اعمل بعقيدة الوسطية "لا إفراط ولا تفريط" أعطِ كل ذي حق حقه فلا تمِل نفسك إلى الاستزادة والتعظيم ولا تُخضع النفوس للانتقاص والتنقيص..! 


كن حازما في الموقف المطلوب، وكن طيبا في الموقف المطلوب، وكونك تغضب لا يعني أنك لا تعفو..!، عبر عن غضبك لكن في قوالب لا تنافي الحكمة


فالمطلوب منك ليس إعطاء الثقة العمياء، بل إعطاء كل ذي حق حقه ومستحقه، فلا تعظمه حتى تغدو كالذبابة ولا تحتقره فتصبح مغرورا كريها تخالف هدي الإسلام، ولا تختر العزلة كمنشيء للراحة واصنع منشأ الراحة وسط الناس مع تعلم كيفية التعاملات والمعاملات الصحيحة..!