القائمة الرئيسية

الصفحات

يمضي العمر وليس لي إنجازات تُذكر..!




 يقولُ لي: يمضي العمرُ وليس لي إنجازاتٌ تُذكر..


فأقولُ لكَ: ومن قال لكَ أن الإنجازات يجب أن تكون خارقة؟!


ليستْ الإنجازات هي فقط تلكَ التي تُدوَّنُ في كتبِ التَّاريخ، ويتحدث عنها الناس! 

وليست الإنجازات فقط تلك التي تُروى هنا وهناك، اجعل إنجازاتك بينك وبين نفسك! 


من قال يجب أن نكون جميعا مخترعين، أو فقهاء، أوأدباء، أو ساسة، أو أثرياء، أو مشاهير، لنكون من أصحاب الإنجازات، يكفي أن يكون المرءُ إنساناً، فهذا بحدِّ ذاته إنجاز عظيم!


أنت بطل وإن لم تقد الجيوش وتحقق النصر، أو تخترع دواءً، أو تكتشف قانوناً في الفيزياء، أو تعثر على مركَّبٍ جديد في الكيمياء، أو تضع قاعدةً في الرياضيات، أو بحراً جديداً من بحور الشِّعر، أو تفوز بجائزة نوبل!


أنت بطل حين تجاهد نفسك كل يومٍ كي لا تعصي الله سبحانه، وبطل حين تعصيه فتعود إليه مكسورا مستغفرا!


بطل حين تجبر خواطر النَّاس، وحين تختار مفرداتك بدقةٍ كي لا تؤذي أحداً!


بطل حين تمرُّ بالبائع المتجول المسكين فتشتري منه، وتتغاضى عن السِّعر قليلاً، وتحسبُ هذه الصفقة صدقةً خفيَّة!


بطل حين تصل إلى آخر الشهر بمرتبك الهزيل وتستر فقرك عن النَّاس ويصدق فيك قوله عز وجل { ويحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف }

نحن أبطال حين نربي أولادنا كي يخافوا الله، ونلاحقهم على حفظ جزء عمَّ كما نلاحقهم على حفظ جدول الضَّرب!


نحن أبطال حين نبرّ آباءنا وأمهاتنا، وحين نحسن إلى جيراننا، ونساعد زوجاتنا، ونصل أرحامنا!


أبطال حين نجاهد على مقاعد الدراسة، وحين نقتلع رغيف الخبز لأولادنا من الصخر!


دوَّن في خانة إنجازاتك قيامك لصلاة الفجر!


ودوِّن أيضاً إمساكك بيد أحبائك رغم كلِّ شيءٍ، فمن أعطاك قلبه فقد ائتمنكَ عليه، والله يُحبُّ أن تُؤدى الأمانات إلى أهلها!


دوِّن في خانة إنجازاتك تلك اللحظة التي فرحتَ فيها بنجاح غيرك، فهذا يعني أن لكَ قلباً طيباً!


ودوِّن أيضاً دعاءكَ بالبركة لكل صاحب نِعمةٍ، فهذا يعني أنكَ تربَّيتَ جيداً، ورضيتَ بقسمة الله!


دوِّن في خانة إنجازاتك كل دمعةٍ مسحتها لمحزون، وكل كلمةٍ حلوة قلتها لمجروح، وكل تربيتة ربّتها على كتف مكسور!


دوِّن في خانة إنجازاتك غيرةً أحرقتكَ فكتمتها، كي لا تُفلتَ يدكَ في منتصفِ الطريق!


دون كل أمر سعدت به بينك وبين ربك، فإن جهاد النفس أعظم الإنجاز، لا تجعل معايير الغرب والمجتمع الذي لا أسس له يذرف عليك ورقات اليأس والقنوط..! 


انظر إلى نفسك بأعين العز والعزة التي كتبها الله عليك في كنف الإسلام والمسلمين، اسعد بإنجاز قد ساقه الله إليك بالقضاء والقدر ولا تحقرن من معروفك ولا صفاتك ولا أعمالك في شيء!


والأهم من هذا ابتغ وجه الله عز وجل في خطواتك وكلماتك وجدد النية بشكل دائم..


ونسأل الله التوفيق والسداد والرشاد في القول والعمل..