القائمة الرئيسية

الصفحات

 





كثيرا ما تصلني رسائل يكون لبها هو "اعتبار تأخر الزواج مشكلة" فمنهم من وصلت به الحال إلى ترك الصلاة والصيام والدعاء..!، ومنهم من تجاوز إلى ترك الدين جملة وتفصيلا واختار طريق "الإلحاد"..! 


فهل فعلا تأخر الزواج مبرر لردات الفعل هذه!؟


حين يختلط الحابل بالنابل في المفاهيم، ويتم وضع الاعتبارات بمقاييس مختلطة لا تُعطى الأولويات حقها فيتم صدها إلى حين تحقيق الثانويات..! 


فما إن لم تتحقق تلك الاعتبارات المخادعة، يتم الفصل والتفصيل مباشرة بإلقاء اللوم على التشريع والشارع سبحان الله وحاشا لله من هذا!


يعود المرء مستشعرا قصة آدم عليه السلام حين خلقه الله عز وجل وقال "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة.." فكانت تلك الآية بداية لرسم الغاية ألا وهي في قوله عز وجل "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.." فتتأمل وتعلم يقينا بعدها أنك خُلقت لغاية العبادة وكسب رضا الله عز وجل..! 


وحين خلق الله آدم عليه السلام شاء الله أن يجعل له وسيلةً تعينه على عناء الدنيا ومشاقها فكتب له الزواج من حواء فكانت المعينة له على أموره، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: أُسكِن آدم الجنة، فكان يمشي فيها وَحْشًا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدةٌ خلقها الله من ضلعه، فسألها: من أنت؟ فقالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليّ”.


فيعلم المرء أن الزواج "سكن" قائم على أسس المودة والرحمة، وسيلة غايتها كسب رضا الله والحصول على العفاف والاستعفاف في النفس..! 


وهذه نقطة الخلاف، اعلم رحمك الله واعلمي أن الزواج ليس بداية الحياة ولا نهايتها، الزواج ليس غاية تحمل في طياتها كل الغايات، فتترك الأصل من الطاعات والعبادات بحجة أنك لم تتزوج..! 


مسألة تعظيم وسيلة الزواج في مجتمعنا اليوم إلى حد جعله الغاية العظمى من الحياة الدنيا، تعظيم ما أنزل الله به من سلطان، من لم يتزوج وجب عليه التعبد والعبادة والتقرب، سددوا وقاربوا، إن لم يأذن الله بزواجك حاليا لا يعني قطع الرزق عليك، لا تترك الدعاء والإلحاح، والأهم لا تعبد الله بغرض تحقيق شرط الزواج فما إن لم يتحقق تركت الخير كله..! 



اتقوا الله في أنفسكم، فوالله الزواج رزق يُساق للمرء دون أدنى تعب، الزواج رزق لن تجلبه لك العلاقات المحرمة تحت مسمى الحب، ومن عصى اللّٰـه لشيء عوقب به، والبدايات التي لا ترضي اللّٰـه نهايتها لا ترضيك .

قال رسول اللّٰـه ﷺ: "لا يحملنَّكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية اللّٰـه، فإن ما عند اللّٰـه لا ينال إلا بطاعته" 


فاجعل خطواتك محفوفة بما يرضي الله لتنال رضى الله في ثمرات خطواتك، اتقوا الله في أنفسكم ليرزقم رضاه ورضاكم..! 


وتأخر الزواج هو قضاء وقدر، ليس إشكالية أبدا كما يصوره المجتمع المعاصر اليوم، ربط قيمة المرء بعزوبيته أو زواجه من الجهل المركب، جهل بالغايات والوسائل والمقاصد والأولويات، فأي معنى لزواج قائم على الاشتراكية وكثرة النسل والرمي به إلى جحور الضب من الآفات والتربية السيئة وعدم تحمل لأدنى المسؤوليات..! 


وشتان بين وضع الاعتبارات عند السلف وبين الاعتبارات في أحوالنا اليوم..! 


فاعبدوا الله إلى أن يأذن لكم برزقكم..