القائمة الرئيسية

الصفحات

أزمات.. في مواجهة المنتقبات (1)

 



"أزمات.. في مواجهة المنتقبات" ستكون سلسلة مقالات إن شاء الله للرد على مختلف المشكلات التي تصلني بهذا الصدد.. 


"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بدأت منذ فترة ارى ان النقاب واجب و عزمت في رمضان ألا أخرج دون ارتدائه و قرأت الأدله و استخرت و ارتديته في رمضان، كنت بالبدايه أراه مرتبا و انه ليس بعائق و لكن بعد ان خرجت به للمره الثانيه شعرت انه يضايق نفسي كثيرا ، أنا لست أعاني بفضل الله من أي مشكله و لكنه يضايقني من ناحيه التنفس و نحن لم ندخل بالصيف بعد ، و لأنني ارى نفسي بين بنات جيلي لوحدي و لا اجد صحبه صالحة صدقا تلك الصحبه التي تفهمني و تسااعدني و تقرّبني من الله لذلك اشعر بالوحده وهذا يجعلني قلقه من ان أعود بقراري و اخلعه أنا اعلم ان الطاعه صعبه و أنا لا أريد خلعه بعد اتخاذ هذه الخطوه لكن كما قلت أنا أتضايق منه و لا احب شكلي به و لا يوجد من يدعمني أريد ان تساعدوني كيف للإنسان ان يثبت و اخاف جدا ان اخلعه مع أنني أكون مرتاحه جدا عند خلعه ، أرشدوني" 


لبس النقاب من الطاعات والعبادات العظيمة، خاصة في زماننا، زمن كثر فيه الهرج والتلبيس والكذب والنفاق والدعوات المنافية للشريعة، كثرت فيه الفتن! 


فمن صبرت على النقاب على النقاب فقد نالت الأجر العظيم، ومن كلامنا السابق في خطوة النقاب، وقلنا "النقاب ليس معلما من المعالم العاطفية.."


كثير من الفتيات تقبل على خطوة لبس النقاب من باب العاطفة، نجد المشاعر قبل تلك الخطوة هي اللهفة نحو لبسه دون إدراك لما يحوط تلك الخطوة من تصادمات نفسية وأسرية واجتماعية، يمكن أن نختصر خطوة الالتزام بالنقاب في مراتب الصبر الثلاث:

-الصبر على الطاعة
- الصبر على المعاصي
- الصبر على الأذى

والأهم من كل هذه الأمور هو حسن الظن بالله والإخلاص في القول والعمل لوجه الله..

هذا الكلام ليس من باب التخويف والتراجع، بل هو من باب الإحاطة بفقه الواقع، فمن لم تحتط من كل هذه الأمور وكانت مستعدة دينيا ونفسيا لمواجهته لخلعت النقاب في أول نكبة!

وهذا ما رأيناه في الكثيرات، تترك النقاب بسبب الضغوطات الأسرية أو الاجتماعية، أو النفسية كذلك يصور لها الشيطان أن النقاب هو السبب في ضيق التنفس أو هو السبب في مشاكل البشرة وغيرها من وساوس الشيطان وكل هذه الحيل تنطلي عليها بسبب قلة الزاد الايماني والواقعي للأمور!

فمن كل هذا نؤكد أن خطوة النقاب ليست خطوة عاطفية بل هو جهاد في عصر غلبت عليه العلمانية والنسوية، ونتذكر دائما قوله ﷺ: «يأتي زمان على أمتي القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار»

بالنسبة لمسألة ضيق النفس، هذه الآثار قد تحدث لأول وهلة ثم ما تلبث أن تعتاد المرأة على ذلك فلا تحس بما كانت تحس به سابقا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يلزم تغطية الوجه بالنقاب، فكل ما يحدث به الستر كاف، فيمكن للمرأة أن تضع شيئا على رأسها وتسدله على وجهها فيستره، وكذلك يوجد النقاب بأقمشة عديدة خاصة الخفيف منها، والنقاب الطبي، الحمد لله نحن في عصر تعددت فيه الحلول فلمَ نختار ما يفقدنا رضا الله عز وجل؟ 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

ووجه آخر في الرد على هذه النقطة هو إلقاء الشيطان للأفكار في ذهن الإنسان، فيوهمه بالضيق وعدم الراحة وهذا إن صرفناه هو جهاد كذلك..


قال ابن القيم رحمه الله :

"إذا عرف هذا فالجهاد أربع مراتب : جهاد النفس ، وجهاد الشيطان ، وجهاد الكفار ، وجهاد المنافقين .

فجهاد النفس أربع مراتب أيضاً :  

إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها عمله شقيت في الدارين . 

الثانية : أن يجاهدها على العمل به بعد علمه ، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها . 

الثالثة : أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله . 

الرابعة : أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله .

فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين ، فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلّمه فمن علِم وعمل وعلّم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات .   

وأما جهاد الشيطان فمرتبتان :

إحداهما : جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان . 

الثانية : جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات .

فالجهاد الأول يكون بعده اليقين ، والثاني يكون بعده الصبر ، قال تعالى : وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون السجدة/24 ، فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين ، فالصبر يدفع الشهوات ، والإرادات الفاسدة ، واليقين يدفع الشكوك والشبهات .



[ زاد المعاد ( 3 / 9 – 11 ) ]

تذكري أن هذا الدين الحنيف، قام على صبر وثبات، واحتساب، وجهاد، ومشقة، وابتلاء، فاصبر مثلما صبر النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضوان الله عليهم! 

نحتاج إلى تعلم الصدق مع الله وتربية النفوس على الصبر والاحتساب!

لم تقل واحدة من الصحابيات أن تغطية وجهي سببت لي أزمة ضيق تنفس، أو سببت لي سوءا من شيء أو مرضا بالعكس! ما واجهنه أكبر من مواجهتنا له! 

كان صبرهن بالكتاب وليس الصحبة، فخير صحبة وأعظمها وهي معية الله عز وجل! ومعية الله خير عزاء لمن ثبت..!


اعلمي رحمك الله أننا في زمن الغربة، زمن شديد جدا وزمن ظلم وبغي على الستر والاستقامة، وتذكري أن سلعة الله غالية ومن يبخل على نفسه لا ينالها لا تبالي، اثتبي قدوتك أمهات المؤمنين وكفاه شرفا أن أخوات لنا لبسوه في قلب الفتن وقلب الغرب الكافر! وتعرضن للكثير من الأذى تذكري دائما أن الأجر على قدر المشقة!

لذلك لابد من صحبة تعينك واصبر نفسك مع! من؟ من يذكرك بالله ويعينك على الاستقامة وهو "القرآن".

صدقيني لو كانت لديك صحبة كثيرة لربما لم تنالي هذا الشرف! 

استفتحت سورة النحل بالنهي عن الاستعجال: 

﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾

 وختمت بأمر الصبر: 

"واصبر وما صبرك إلا بالله.. " 

وما بين التروي والصبر يكمن خير لا يعلمه إلا الله سبحانه فثقي بالله، ولا تجزعي..!

ومن الوسائل المعينة على الثبات على الدين في زمن الفتن!

- أعظمها طلب الهداية إلى صراط الله المستقيم وهذا قول المسلم ودعائه في كل صلاة (اهدنا الصراط المستقيم) فرددها في صلاتك بتدبر وتأمل ويقين بالدعاء والإجابة! 

- الاستقامة على دين الله تعالى ، وعدم التفريط في شيء منه ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) إبراهيم/27.

- التمسك بالسنة وكثرة ذكر الله.

- ومن أكبر الوسائل التي تعصم من الوقوع في الفتن بإذن الله:

- الصبر على أمر الله 
- الاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
- مراقبة الله عز وجل وحفظه
- مصاحبة الصالحين من المؤمنين ، وترك مصاحبة من عداهم من المفتونين .

ومن أعظم ما يُنتفع به من عوامل الثبات على الدين : عدم التعرض للفتن ، والسعي في توقّيها بالبعد عنها وعن أسبابها ، فيصفو الحال للقلب ، فيتذوق طعم الإيمان.

نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الثبات على دينه ، والعصمة من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .