القائمة الرئيسية

الصفحات

أزمات في مواجهة المنتقبات "كيف أقنع أهلي بالنقاب؟"

 


بعد جمع من الرسائل والاستشارات والأسئلة، تم بفضل الله جمع هذا المقال وكتابته للرد على أهم أزمة تواجه الفتاة وهي "كيفية إقناع الأهل بالنقاب" 

نحن في زمن هو نتيجة لما باعه دعاة السفور من أوهام وكذب! 

نعيش أزمات متتالية في قضية الستر والدعوة إلى السفور نتيجة استدمار عقدي غربي، في سنوات وقرون مضت! 

لم تبدأ هذ الأزمة بخطوة بل كانت خطوات، نشط فيها دعاة السفور والانحلال في بث أفكارهم التي استقوها من البلاد الغربية الكافرة لمحاربة الحجاب ونزعه..!

فقام الملك «زوغو» في ألبانيا بنزع الحجاب عن وجوه المؤمنات وفرض السفور على نساء وطنه مسايرة للدول الأوروبية..

وفي بلاد الأفغان قامت «شاه خانم» ملكة الأفغان بخلع الحجاب بطلب من زوجها لتكون قدوة للأفغانيات.

وفي بلاد المغرب بعد أن خرج الاستعمار الفرنسي ترك نخبة تكونت بفرنسا واستطاعت تلك النخبة المغتربة أن تؤكد أن تحرير المرأة المغربية هو نزعها للحجاب.

وفي تركيا دعا إلى تحرير المرأة «أحمد فارس الشدياق» في صحيفته (الجوائب).

وفي العراق اتفق «جميل الزهاوي» وصاحبه «الرصافي» على الهجوم على الدين والاستهزاء بتعاليمه فكانا أول داعيين إلى السفور فيها.

وفي لبنان قامت المحاربة للحجاب والداعية إلى السفور «نظيرة زين الدين» صاحبة أول كتاب صدر في الشام وشرارة الإفساد الذي كان عنوانه (السفور والحجاب).

وفي مصر كانت الريادة في الدعوة إلى تحرير المرأة لـ «قاسم أمين» الذي رحل إلى فرنسا لإكمال تعليمه فانبهر بالحياة في أوروبا فخرج بكتابيه (تحرير المرأة) و(المرأة الجديدة)؛ فكانت أول امرأة مصرية أزالت الحجاب عن وجهها «هدى شعراوي» في القرن الماضي، وأول امرأة كشفت وجهها في بلاد الشام وكيلة مدرسة ثانوية.

فعقلية الأهل الحالية متعلقة بعدة أمور: 

منهم من يقول بأن النقاب سنة وهذا نتيجة ما ذكرناه سابقا، ومنهم من نجد عنده خلل عقدي فيعتقد أن النقاب عائق للزواج والأمور الحياتية اليومية، ومنهم من يرى المنتقبة بالصورة الفاجرة التي يروحها الإعلام اليوم أو النماذج الشاذة السيئة التي نلتقي بها في الشارع، ومنهم من يكره النقاب ويراه تخلفا وهذا متأثر بالعلمانية وأفكارها.. 

وكل سبب منها عنده رد وحل إن شاء الله.. 


تم تقسيم الحل إلى خطوات ثابتة لا تتغير وتحتاج إلى الديمومة مع النفس، وخطوات متعلقة بالمتغيرات في العقلية الأسرية فتختلف من فتاة إلى فتاة حسب المقومات الفكرية عند أسرتها.. 

الخطوات الثابتة مع النفس 


1- صدق النية مع الله

صدق النية له وجهين: 

الوجه الأول: أن تكوني صادقة النية في لبس النقاب، يكون الأمر متعلقا بجوارك وليس مجرد كلام عابر فقط! 

فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، بل هو محاولات ومحاولات لإقامة شرع الله والقيام بأمره والابتعاد عن نواهيه.. 

الصدق مع الله مرتبة عالية لا يصل إليها الإنسان إلا ببذل نفسه لله، بحيث يكون أمره تبعا لأمر الله، يحب ما يحب، ويكره ما يكره، ويفعل ما يأمر، ولذلك اشتق من هذه الصفة الجليلة أعلى مراتب العبودية على الإطلاق بعد مرتبة النبوة، وهي مرتبة الصديقية.

ولابد من توطين النفس على الالتزام والطاعة المطلقة لأمر الله، وإن كلفه ذلك الغالي والنفيس، ابتغاء مرضاته تعالى، بحيث يدخل العبد في السلم كافة ولا يتبع خطوات الشيطان.

فإذا فعل العبد ذلك فليبشر بكل خير، كما قال تعالى: فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم {محمد: 21} 

فإن الجزاء من جنس العمل، كما قال صلى الله عليه وسلم: إن تصدق الله يصدقك.

وفي قول للحاكم : فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه، فمنزلة الله عند العبد في قلبه على قدر معرفته إياه وعلمه به وإجلاله وتعظيمه والحياء والخوف منه، وإقامة الحرمة لأمره ونهيه، والوقوف عند أحكامه، بقلب سليم ونفس مطمئنة، والتسليم له بدنا وروحا وقلبا، ومراقبة تدبيره في أموره، ولزوم ذكره والنهوض بأثقال نعمه ومننه، وترك مشيئته لمشيئته، وحسن الظن به، والناس في ذلك درجات، وحظوظهم بقدر حظوظهم من هذه الأشياء، فأوفرهم حظا منها أعظمهم درجة عنده، وعكسه بعكسه.

فأهم أمر وأول الأمر وآخر الأمر، يبدأ وينتهي على صدق نيتك مع الله، وهذه تحتاج جلسة مع النفس، هل أنا مقتنعة بالنقاب؟، هل أنا أريد النقاب لرؤيتي أنه فرض وضرورة أم مجرد شعور عابر ومتابعة للترند؟ 


الوجه الثاني من مسألة الصدق، إن لم يجد الطرف الآخر الصدق في كلامك ورغبتك، لن يقتنع، بل من الأهل من اقتنع فقط من صدق نيتك ابنتهم، صدق النية يؤثر على الذي أمامك.

2 التوكل على الله

"فقه التوكل على الله" أزمة وحلها! 
مصطلح بات نادر الفهم والتمعن، اقتصاص الوعي والإدراك عند الوصول إلى حد هذه القضية! 
أكبر افتقار ونقص في نفوس المسلمين هو تحليل هذا المصطلح وإسقاطه على الواقع بعين اليقين والإيمان!

نعلق الأمور والرغبات بالقدرة الذاتية، ونترك أكبر معين نستعين وهو الله عز وجل! 

قال الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- لما سئل عن التوكل:

"هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق"

قال ابن القيم –رحمه الله-:

التوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة، والتوكل متعلق بكل أمور العبد الدينية التي لا تتم الواجبات والمستحبات إلا بها، ومنزلته أجمع وأوسع المنازل، ولا تزال معمورة بالنازلين لسعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين.

(مدارج السالكين).

حقيقة التوكل على الله!

الركن الأول: الأخذ بالأسباب، بمعنى أن الإنسان إذا أراد أن ينجح لا بد أن يذاكر، وإذا أراد أن يسافر لا بد أن يستعد لسفره، وإذا أراد أن يشفيه الله -تبارك وتعالى- من مرض معين من الأمراض لا بد أن يذهب إلى طبيب ويتناول العلاج.

هذا هو الركن الأساسي والأول وهو الأخذ بالأسباب، ولكن مع الاعتقاد أن الأسباب لا تعمل وحدها، وإنما هي مجرد وسائل مواصلات تنقلني إلى مراد الله تعالى، فحتى وإن أخذت الدواء وأنا مريض، لا أعتقد أن الشفاء في الدواء، وإنما الدواء وسيلة من وسائل الشفاء، والله -تبارك وتعالى- قادر على أن يشفيني بالدواء أو بغيره.

الشرط الثاني في التوكل: أن نتوجه إلى الله -عز وجل- بالدعاء أن يقدر الله لنا الخير، فأنا آخذ الدواء وأقول: (اللهم اشفني)، على اعتقادي ويقيني بأن الشافي أساسا هو الله وليس الدواء، وإنما الدواء هو عبارة عن سبب.

إحسان الظن بالله تعالى بعد تحقيق الأسباب والدعاء، فإن الله عند ظن عبده به، حيث قال الله -تبارك وتعالى- في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء)، فهذه حقيقة التوكل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بقوله: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا)، فالطير ينزل من عشه إلى الأرض لينقر منقاره في الأرض فيجد رزقه، متوكلا على الله تماما، لا ينظر إلى حوله، ولا إلى قوته، ولا إلى قدرته على الطيران، وإنما يعلم أن الله كتب له رزقه فهو يبحث عنه، كذلك المؤمن يعلم أن الله -تبارك وتعالى- على كل شيء قدير، وهو يأخذ بالأسباب الممكنة والمتاحة بالنسبة له، ويحسن الظن بالله تعالى، ويترك الأمر لله.

فلا تعتمدي على نفسك فقط، بل الاعتماد والاستعانة تبدأ بالله وتنتهي بالله! 

3- الدعاء


لا تحتقري حجم رغبتك عند الله عز وجل، ولا تقللي من شأن الدعاء فوالله لا سلاح أقوى من دعاء الله عز وجل بإلحاح ورغبة! 

جاء في الأحاديث النبوية: "إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء"، وكذلك: "لا يرد القضاء إلا الدعاء". 

وإذا تصوَّرنا الأمر هكذا، فإنَّنا سنقف حتمًا مع احتمالاتٍ ثلاثة:

١) أن يكون الدعاء أقوى من البلاء، فيَصرعه، والدُّعاء القويُّ هو الدعاء المستوجِب لشروط القبول.

٢) أن يكون الدُّعاء بنفس قوَّة البلاء، وهنا يتصارعان حتى يغلب إحداهما على الآخر.

٣) أن يكون الدُّعاء أضعف من البلاء، وهنا سيَنزل البلاء، لكنَّه سيخفف منه.

[ ابن القيم رحمه الله ]

لا تقولي داخل نفسك "مالي غير الدعاء" بنبرة عجزٍ وضعف وانكسار.. 

الدعاء مُعجزة يرد القضاء ويغيّر الأقدار، وينقلك من حالٍ إلى حال!

‏حين يُلهمك الله الدعاء ‏تيقني أنّ الله أراد بك خيرًا، والإجابة بقدر ما كان في قلبك من اليقين ‏ألم يقُل الله عز وجلّ: ‏"أنا عند ظنّ عبدي بي"!

ومن أسباب إجابة الدعاء هو الإلحاح!

‏إذا رغبت بإجابة دعوة تدعوها، فالزم الإلحاح على الله، ولا تتوقف وتقل لم يستجب دعائي!

ولا تحسب الأيام ولا الأشهر ولا السنين، وسترى إجابتك كفلق الصبح.

قال ابن القيم رحمه الله:- 

وأحب خلق الله إليه؛ أكثرهم له سؤالا، وهو يحب الملحين في الدعاء، وكلما ألح العبد عليه في السؤال أحبه وقربه وأعطاه.


‏«الإلحاح على الله بتكرير ذكر ربوبيّته، ياربّ! من أعظم ما يطلب به إجابة الدّعاء» جامع العلوم والحكم لابن رجب ١٩٧

نعود لنقطة الأسباب المتعلقة بمتغيرات العقلية الأسرية:


1- الكلام باللين مع الوالدين 


أنصحك بالقرب من أهلك والإحسان إليهم وإزالة ما يخيفهم والتماس العذر لهم، وكذلك عدم طاعة من يقف في طريق ارتدائك للنقاب، وكوني واثقة بأن الله معك وأن الرافضين سوف يتغيرون غدا..!

كوني حكيمة في التعامل معهم، واحرصي على زيادة البر والاحترام..

واعلمي أن طريق الإيمان والهداية لا يخلوا من الصعاب، كيف وقد قال الله تعالى: {الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}، واعلمي أن العاقبة للصابرين، وأن الله يدافع عن المؤمنات والمؤمنين.

فعليك بتقوى الله، وكثرة الدعاء.. 
ومن الأمور المعينة كذلك اختيار الوقت المناسب الذي يكون فيه الوالدين بنفسية جيدة تستقبل وترد، اشرحي لهما سبب رغبتك في ارتداء النقاب، ماذا يعني لك النقاب؟ ما هي الفوائد التي تتوقعين الحصول عليها منه؟

قدمي له الأدلة التي تدعم موقفك سواء حفظتها أو كتابة (عودي لقناة أدلة وجوب النقاب تجدين أدلة كثيرة جدا) 

وحاولي كذلك أن تحكي لوالدتك عن تعبك ومشقتك في الاختلاط وكشف الوجه وتعبك النفسي خاصة من المضتيقات والكلام السيء، دائما أقول أن الأم تحتاج إلى الحوار العاطفي أكثر من الحجاجي العقلي.

وبالنسبة لوالدك أيضا خاطبيه عن أجره في سترك أنت عند الله عز وجل.. 

عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( من كان له ثلاث بنات يؤدبهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة ألبتة، قيل يا رسول الله: فإن كانتا اثنتين؟، قال: وإن كانتا اثنتين، قال: فرأى بعض القوم أن لو قال: واحدة، لقال: واحدة )

يمكنك استخدام البكاء كذلك، مقاطعة الخروج، الجلوس في الغرفة، الإلحاح في الطلب.. 

ومن أهم النقاط التي أنصح بها هي مناقشة مخاوف الوالدين من النقاب، ومناقشة أسباب رفضهم فمنهم من يخشى عدم زواج ابنته بعد النقاب وهنا تحتاج الفتاة لصناعة وعي الوالدين في إيضاح أن الزواج رزق من الله عز وجل يسوقه للمسلمين..

وستتزوجين ولو لم تخرجي يوما في حياتك! لأن الأمر بيد الله أولا واتخاذ الأسباب وهو الدعاء.. 

والواقع الذي نَحياه يُفَنِّد تلك الدعوى، ثم انظُري سلمك الله كم فتاة لَم يمنعْ لبسها النقابَ مِن زواجها! فكثيرٌ مِن الرجالِ الحقيقيين يَرْغَبُون في الزواج مِن الفتاة المُنتَقِبة بسبب نِقابها، وعلى النقيضِ كم مِن فتاةٍ مُتَبَرِّجة لَم تتزوَّجْ، ولا يَرْغَبُ فيها الرجالُ كزوجةٍ!!

فالأمرُ كلُّه لله مِن قَبْلُ ومِن بعدُ فاستبشري بالخير، وأحْسِني الظنَّ بالله سبحانه؛ فـ ((إنَّ الخير لا يأتي إلا بالخير))؛ كما صَحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاللهُ تعالى يُجازي المؤمنَ بحسناته في الدنيا والآخرة، ويُسهِّل له الخيرات، ويُكافئه في الدنيا بتوسيع رِزْقِه، وتحسين خُلُقِه، ودَفْع البلاء عنه؛ كما في صحيح مسلمٍ عن أنس بنِ مالكٍ؛ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله لا يَظلِمُ مؤمنًا حسنةً؛ يُعطى بها في الدنيا، ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافرُ فيطعم بحسنات ما عمِل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لَم تكنْ له حسنة يُجزى بها))، وفي رواية: ((إنَّ الكافرَ إذا عَمِلَ حسنةً أطعم بها طعمة مِن الدنيا، وأمَّا المؤمنُ فإنَّ الله يدَّخِر له حسناته في الآخرة، ويعقبه رزقًا في الدنيا على طاعته))، فاللهُ تعالى جَوَادٌ كريم، شكورٌ يَشْكُر القليلَ مِن صالح العمل، ويعفو عن الكثير مِن الزلَل، ولا يُضيع أجرَ المحسنين، وجزاؤُه لعبدِه المؤمن لا يقتَصِر على الآخرة، بل يكون في الدنيا أيضًا.

ومن مخاوف الوالدين أيضا هي نظرة المجتمع للمنتقبة من الرجعية والتخلف فهنا أيضا وجب تنبيه الوالدين أن رضى الناس غاية لا تُدرك ورضى الرحمان غاية لا تترك..

ومِن أعظم ما تُواجهين به المجتمع هو: أنْ تُبَيِّني لهم معنى الإسلام، الذي هو: الاستسلام التامُّ لله تعالى؛ فاتباعُ منهج الله تعالى ليس نافلةً، ولا تطوُّعًا، ولا مَوضِعَ اختيار، إنما هو الانقيادُ التامُّ لله تعالى؛ كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51، 52] ، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]، وقوله: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [القصص: 68]، واللهُ سبحانه أعلمُ بمَصالح العباد، والمؤمنُ يَستَسْلِم لله الاستسلامَ الكامل الصريح.

ومن الأمور المعينة أيضا أن تضعي محاضرات صوتية عن أدلة وجوب النقاب، عندما يكون والديك في الاستماع لما تسمعين، ومن كل هذا يبقى التوفيق بيد الله فعليك بالإلحاح في الدعاء.. 

خاصة لو كانت المحاضرة بعالم من العلماء المحببين إلى أهلك، ضعيها واتركيهم معها، دون تعليق منك.. 

من المعينات كذلك أن تأخذي بيد والدك وأنت تشترين اللباس الواسع وتأخذينه بلين الكلام إلى النظر في النقاب والتأثير عليه بحجج أن أجره عظيم إن ألبسك لباس التقوى، وأنه سيحافظ عليك من المضايقات الكثيرة والاختلاط.. 

وبعد كل تلك الطرق التي ذكرناها.. 

إن لم تنفع وكنت قادرة على لبسه دون إقناعهم ودون حصول مضرة كبيرة افعلي، لكن اعلمي أن الأمر فيه مشقة.. 

ولكن تلك المشقة ستكون سببا لزيادة أجرك وارتفاع قدرك عند الله تعالى، فإن المؤمنة حين تتمسك بتعاليم دينها مع عدم من يناصرها على ذلك تكون من الغرباء الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (طوبى للغرباء) وقد تبين من هم الغرباء بقوله: (الذين يصلحون إذا فسد الناس) وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة: (إنما أجرك على قدر نصبك -أي تعبك-).

سنبتلى ليعلم الله الصادقين منا..!، كل هذا من باب الصدق والثبات، إن لم تذوقي مشقة النقاب والحصول عليه لن يكون لك ثبات فيه! 

يمكنك لبسه دون مواجهتهم تخرجين من البيت تلبسين القفاز والنقاب دون علمهم، إن لم تستطيعي البسي كمامة كبادئ الأمر.. 

وكل هذا لا ينفي الإلحاح والعودة إلى تلك الطرق من جديد.. 

لا تحزني ولا تيأسي من رفض والديك للنقاب والله سيأتي يوم ويستجاب الدعاء وتبلغ النفس الرضى فقط لا تقنطي من رحمته ولا تملي من دعائه!

واعلمي أن اللذة والرضا العميق الذي سيكون بداخلك بعد لبسه تنسيك المشقة والتعب!

أعانكِ الله ورضي عنكِ وأرضاكِ وثبث خطاكِ.