القائمة الرئيسية

الصفحات

شبهات: هل الإمام أحمد مؤول؟




 #شبهات 

#أهل_البدع


نص الشبهة: 


قال أبو يعلى الفراء: “وقد قال أحمد في رواية حنبل في قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22]، قال: قدرته”.


ونقل ابن كثير عن البيهقي عن الحاكم، عن أبي عمرو بن السَّمَّاك، عن حنبل، أن أحمد بن حنبل تأوَّل قول الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} أنه: جاء ثوابه. ثم قال البيهقي: “وهذا إسناد لا غبار عليه”[البداية والنهاية (14/ 386)] 


رد الشبهة: 


1- ضعف الرواية: 


✓ الرواية ضعيفة عند أهل العلم وعلتها في أن حنبلًا ينفرد بروايات عن الإمام أحمد، ويغلطه فيها مجتهدو المذهب.


✓ قال أبو بكر الخلال: “قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيء“.


✓ وقال الحافظ الذهبي: “له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب“


✓ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- “قيل: إن هذا غلط من حنبل، انفرد به دون الذين ذكروا عنه المناظرة، مثل صالح وعبد الله والمرُّوذي وغيرهم، فإنهم لم يذكروا هذا، وحنبل ينفرد بروايات يغلطه فيها طائفة كالخلال وصاحبه…“


✓ وقال ابن القيم رحمه الله : “إنها غلط عليه، فإن حنبلًا تفرد به عنه، وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه، وإذا تفرد بما خالف المشهور عنه، فالخلال وصاحبه عبد العزيز لا يثبتون ذلك رواية، وأبو عبد الله بن حامد وغيره يثبتون ذلك رواية، والتحقيق أنها رواية شاذة مخالفة لجادة مذهبه، هذا إذا كان ذلك من مسائل الفروع، فكيف في هذه المسألة؟!”


✓ فخلاصة الأمر أن الرواية لو ثبتت فقد انفرد بها حنبل فقط ولم ينقلها غيره عن أحمد، كابنه عبد الله، وابن هانئ، والخلال، وحرب الكرماني. 


2- بطلان صحة الرواية: 


✓ الرواية غير ثابتة بالأصل في المصادر فنقل ابن كثير عن البيهقي وهو غير موجود في كتب البيهقي وابن كثير لم يذكر الواسطة بينه وبين البيهقي، فبينهما ثلاثمئة سنة..! 


✓ وأبو يعلى نسب الكلام إلى حنبل بن إسحاق ولم يذكر الواسطة بينهما، وبينهما قرابة المئتي سنة، ولم يذكر من الذي نقل هذا الكلام خلالها.


3- المنقول المشهور عن الإمام أحمد: 


✓ قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب: “{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210]، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}: فمن قال: إن الله لا يُرى فقد كفر” 


[إبطال التأويلات (ص: 132)] 


✓ وعلق أبو يعلى الفراء على هذا الأثر فقال: “وظاهر هذا أن أحمد أثبت مجيء ذاته؛ لأنه احتج بذلك على جواز رؤيته، وإنما يحتج بذلك على جواز رؤيته إذا كان الإتيان والمجيء مضافًا إلى الذات”


✓ وقال أبو بكر المرُّوذِي: سمعت أبا عبد اللَّه وقيل له: روى علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك أنه قيل له: كيف نعرف اللَّه؟ قال: على العرش بحدٍّ، فقال: بلغني ذلك عنه وأعجبه، ثم قال أبو عبد اللَّه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ}، ثم قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}”


 [الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 158- 159)] .


4- سياق الرواية : 


فهذه الرواية كما قالوا جاءت في معرض الرد والمناظرة للمعتزلة يوم المحنة، وقد يقول المناظِر -في أثناء مناظرته- كلامًا لا يعتقده؛ إلزامًا للخصم، لما احتجوا عليه بقوله: ((تجيء البقرة وآل عمران))، قالوا: والمجيء لا يكون إلا لمخلوق، فعارضهم أحمد بقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ}، {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام: 158]، وقال: المراد بقوله: ((تجيء البقرة وآل عمران)): ثوابهما، كما في قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ}: أمره وقدرته” على تأويلهم لا أنه يقول بذلك؛ فإن مذهبه ترك التأويل” 


[مجموع الفتاوى (16/ 404- 405)].


#الخلاصة_بالمختصر:


يُجمِل الإمام ابن القيم القول في هذه الرواية بقوله: “وهذه رواية إما شاذة، أو أنه رجع عنها، كما هو صريح عنه في أكثر الروايات، وإما أنها إلزام منه ومعارضة لا مذهب”