القائمة الرئيسية

الصفحات

ناسف الادعاء عن حقيقة آيات الحجاب والإدناء

 


مسألة التشكيك في النقاب أو وجوبه لم تأتِ فجأة ولم تأتِ من نصوص الكتاب والسنة الظاهرة والصريحة ولا من فهم الصحابة والسلف الصالح لها!


وبالتالي فلا بد وأن تكون غربته بدأت تدريجيًا وشيئًا فشيئًا، وسبب هذا التدرج الذي أوصل بنا إلى غربة الحجاب وحرب على النقاب بسبب ما بثه بعض العلماء المتأخرين اليوم، من شُبَه جديدة وتفاسير خاطئة وفهم مخالف لمراد الله ومراد رسوله ﷺ ومقصد المتقدمين من السلف الصالح وأئمة الإسلام، وبعيدًا عن أقوال أهل العلم السابقين، حتى حرفوا وبدلوا وصحفوا - بغير قصد - فريضة الحجاب عن حقيقتها!


(النِّقَاب) (١)، و (البُرْقُع) (٢)، و (القِنَاع) (٣)، و (المَيْسَنانيّ) (٤)، وغيرُ هذا مما تقدَّمَ دخولُه فيما يُغَطَّى به الوجهُ مما سبق؛ كالخمارِ والجلبابِ، وغيرِهما. 

ومعنَى السفورِ عندَ العربِ: هو كشفُ المرأةِ لوجهِها، وليس المرادُ بذلك كَشْفَها لشعرِها أو نحرِها؛ لأنه لا يعرَفُ عندَ غالبِ العربِ والعجَمِ كشفُ المرأةِ لشعرِها؛ قال تَوْبَةُ بنُ الحُمَيِّرِ: 

وكُنْتُ إذَا ما جِئْتُ لَيْلَى تَبَرْقَعَتْ ... فقَدْ رَابَنِي مِنْهَا الغَدَاةَ سُفُورُهَا


____________________


التفاسير:


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لِّأَزْوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰٓ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾


قال ابن عباس رضي الله عنه:-


«أَمَرَ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ فِي حَاجَةٍ أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِنَّ بِالْجَلَابِيبِ، وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَةً»

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾ [القصص: 25]، قال: (مستترة بكمِّ درعها أو بكم قميصها)؛ رواه الطبري (20/ 60)، ورواه ابن أبي حاتم، ولفظه: (... قائلة بثوبها على وجهها)؛ (إسناده صحيح)، قال ابن جرير: (تمشي على استحياء من موسى، قد سترتْ وجهها بثوبها)


قَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي: تتغطى الْمَرْأَة بجلبابها فتستر رَأسهَا ووجهها وَجَمِيع بدنهَا إِلَّا إِحْدَى عينيها.[ تفسير السمعاني ]


عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به"، فقلتُ - أي: أبو الشعثاء الراوي عنه -: وما "لا تضرب به"؟ فأشار لي: كما تجلبب المرأة، ثمَّ أشار لي ما على خدِّها من الجلباب، قال: "تعطفه وتضرب به على وجهها، كما هو مَسدول على وجهها"


عن فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها قالت: (كنَّا نخمِّر وجوهنا، ونحن محرِمات مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما)؛ رواه مالك (1/ 328)، وإسناده صحيح


عن عاصم الأحول قال: "كنَّا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلبابَ هكذا، وتنقَّبَت به، فنقول لها: رحمك الله! قال الله تعالى: ﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾ هو الجلباب، فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ [النور: 60]، فتقول: هو إثبات الجلباب".


عن عائشة رضي الله عنها قالت: "تسدل المرأة جلبابَها من فوق رأسها على وجهها"؛ رواه سعيد بن منصور بإسناد صحيح، وهو يؤيِّد حديثها الآخر: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحرِمات، فإذا حاذوا بنا، سدلتْ إحدانا جلبابَها من رأسها على وجهها، فإذا جاوَزونا كشفْناه)؛ رواه أحمد وأبو داود، ويؤيد ذلك أيضًا حديث أختها أسماء: (كنَّا نغطِّي وجوهنا من الرِّجال، ونمتشط قبل ذلك في الإحرام).

{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} 


ووجه الشاهد من هذه الآية قوله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)


 والجيب هو فتحة الرأس، والخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك أو بالقياس، فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة.


عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا». فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ. قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْه»


ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة، وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. 


فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه.


وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا «نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ، وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ»

[ الموطأ، في الحج، باب: تخمير المحرم وجهه ]


روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه:- 


«أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة»


افترض الله تغطية الوجه على جميع النساء الحرائر بقوله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾


صح عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت (لما نزلت خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية) وفي رواية (من أكسية سود يلبسنها) 


وثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في تأويلها (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة) 


وصح عن عبيدة السلماني أنه لما سُئل عن تأويلها (تقنع بردائه فغطى أنفه وعينه اليسرى وأخرج عينه اليمنى وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب). 


وهذا ماجرى عليه عمل النساء المسلمات الحرائر منذ زمن الرسالة.


مفاد آية الحجاب ﴿فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ الأحزاب: ٥٣ 

والتي فسرها أئمة التفسير؛ بـ (من وراء ستر بينكم وبينهن) يقتضي تغطية الوجه لأن المراد بها منع الرجال الأحرار من الدخول على النساء الحرائر والاختلاط بهن في البيوت ونحوها: وهذا ما جرى عليه عمل أزواج النبي ﷺ ونساء سلف هذه الأمة.


{ وليضربن بخمرهن على جيوبهن }


قال تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) [النور:31] . 

روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت «لما أنزلت هذه الآية أخذن أزورهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها» 
اختمرن = غطين وجوههن.

{ ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن }

مما يؤكد أن آية إدناء الجلابيب تقتضي وجوب ستر الوجه من المرأة إشراك أمهات المؤمنين مع غيرهن في هذا الأمر فقال تعالى ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ 


ومن المجمع عليه أن الله تعالى أوجب على أزواج النبي التستر الكامل

بما في ذلك الوجه والكفين في آية الحجاب ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ ولم يستثن عضوًا من عضو، فلو كان المراد بإدناء الجلباب تغطية الرأس دون الوجه؛ لكان كلامه تعالى في آية الجلابيب عبثًا في حق أمهات المؤمنين! 

تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا!

فإذا دل هذا الأمر على وجوب ستر الوجه والكفين في حق طائفة من إحدى الثلاث طوائف التي وجه لها الأمر في هذه الآية:

أزواج النبي ﷺ وبناته ونساء المؤمنين؛ دل ذلك على وجوبه في حق الطائفتين الأخريين.


جامع أقوال أهل السنة


﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾


قال محمد بن جرير الطبري:-


يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق.


[تفسير الطبري ٢٢/ ٤٦] 


قال أبو حيان الأندلسي:- 


أمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء بلبس الأردية وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن.


[تفسير البحر المحيط ٧/ ٢٤٠] 


قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:


قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها ثم أنزل الله آية الحجاب بقوله ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ ... فحجب النساء عن الرجال.


[مجموع الفتاوى ٢٢/ ١١٠]


قال ابن القيم رحمه الله عن أثر كشف المرأة وجهها في وقوع الافتتان بها: 


«... ولهذا أمر النساء بستر وجوههن عن الرجال، فإن ظهور الوجه يسفر عن كمال المحاسن، فيقع الافتتان»


[ روضة المحبين ونزهة المشتاقين، صـ ٦٧ ]


"كَشْفُ النِّسَاءِ وُجُوهَهُنَّ بِحَيْثُ يَرَاهُنَّ الأَْجَانِبُ غَيْرُ جَائِزٍ.."


[ مجموع الفتاوى | شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ]


﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ 


قال ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٢٣٥):


(كانوا يرون النساء ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم حتى نزلت آيات الحجاب ... فأمر النساء بالحجاب ثم أمرن عند الخروج أن يدنين عليهن من جلابيبهن وهو القناع)


رخصة النظر إلى وجه المخطوبة من أدلة وجوب تغطية الوجه:


وجوب_النقاب عند الإمام أحمد -رحمه الله-: 


وجوب النقاب عند شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-


وجوب النقاب عند ابن القيم رحمه الله


روى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  


«المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان»


وهذا دليل على أن جميع بدن المرأة عورة بالنسبة للنظر!


من أكبر الأدلة على فرضية تغطية الوجه ووجوبه على النساء، هو عدم وجود أي أثر ينقل لنا اختلاف الصحابة ونقاشهم فيها كما هو الحاصل اليوم بين الفريقين!


ولهذا فلابد وأن تكون مسألة الخلاف فيها طارئة وحادثة وبعد إجماع العصور الأولى والقرون الثلاثة!


هل نهي المرأة المحرمة عن النقاب ثابت عن النبي ﷺ؟


لم يرد نص صحيح مرفوع إلى النبي ﷺ على أن إحرام المرأة في وجهها


مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢٦/ ١١٢): ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي ﷺ أنه قال (إحرام المرأة في وجهها) وإنما هذا قول بعض السلف.


حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (٥/ ١٩٨ - ١٩٩): فإن قيل فما تصنعون بالحديث المروي عن النبي ﷺ أنه قال (إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها) فجعل وجه المرأة كرأس الرجل؟ قيل هذا الحديث لا أصل له ولم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها ولا يعرف له إسناد ولا تقوم به حجة ولا يترك له الحديث الصحيح الدال على أن وجهها كبدنها وأنه يحرم عليها فيه ما أعد للعضو كالنقاب والبرقع ونحوه لا مطلق الستر كاليدين والله أعلم.


فوائد وإضافات