القائمة الرئيسية

الصفحات

تعثرت بين صخور الشتات، فمن ينتشلني؟

 


ما حل الشتات؟
أنا كفتاة يوجد الكثير في حياتي يحتاج إصلاحا، أريد تعلم الكثير، سواء ديني أو دنيوي، ماذا أفعل؟



قبل الولوج في مضمون الرد كان إبراهيم السكران قد اختزل مفهوم وأسباب "التشتت المعرفي" في أسطر عديدة! 

"لا أعرف ثُقبًا أسودًا يلتهم طالب العلم، ويمضي الزمان وهو لم يحصل ولم يضبط مثل: دوامة تتبع الأشمل، واستمرار التنقل، والترحل بين الكتب، ودروس المشايخ"

حالة التشتت حالة طبيعية يمر بها أي إنسان، لكن أصعب شعور هو ذاك الجمع بين "جلد الذات وانعدام النية بالتغيير"!
أن تعيش حالة التشتت ولا تحرك ساكنا نحو الخروج منها هو ما يجعل الأمر غير طبيعي ولا اعتيادي في حياة المسلم! 


يمكن جمع أسباب الشتات في نقاط: 

- عدم إدراك مفهوم الشتات ولا استيعاب مرحلته
- كثرة المصادر والأهداف 
- الجهل بالعلاج بل وانعدام النظر إلى ضرورة علاجه! 

عليك أولا أن تعرفي ضرورة تقوية الإيمان لديك بلزوم الذكر والدعاء وقراءة القرآن والطاعة وحسن الظن بالله وإضمار حسن النية في قصد صلاح النفس.

وهنا عليك الابتعاد عن الإفراط، فالإفراط في الشحن العاطفي وتجييش الأحاسيس والانفعالات يحيد بالعقل عن الاتزان الفكري ورجاحة الإدراك، فتتعطل قدراته التحليلية والاستنباطية بفعل الثورة العاطفية، وهذا ما يحيد بك إلى التفكير العاطفي والنزوح عن ساحة العقل والمنطق والترتيب بعقلانية! 

{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} اجعلي هذه الآية نصب عينيك مهما بلغت درجات الإدراك لا تتركي نية "تفويض الأمر لله من قبل ومن بعد" اعلمي أن التوفيق بيد الله وليس بيدك! إنما على المسلم الأخذ بالأسباب والتوكل على الله! 


ثاني نقطة هي الإدراك فإن أدركتِ رتبتِ ومن لم يدرك عاش في جهله مدى حياته! 

إدراك أن ترتيب الأولويات ضرورة حياتية لاستمرار النجاح واكتساب المزيد من الثقة بالنفس وثقة الآخرين والتخلص من ضغوط التوتر والقلق الناشئة عن ضيق الوقت اللازم لأداء المهام والواجبات.

فإدراك الأولوية ينشئ قلة الضغط وقلة الضغط تنشئ الحافز والابتعاد عن الاستسلام النفسي، فحل الإشكالية في ترتيب الترابط من الأصعب إلى الأسهل..

وهذه المرحلة تحتاج منك هجرا للمفسدات الدنيوية (مواقع التواصل) فأكبر معيق لنا في حياتنا هو المواقع! 

اجلسي بينك وبين نفسك، معك ورقة وقلم اكتبي ما تفكرين فيه وما تريدين تحقيقه لتظهر لك أحجام الأولوية وتصبح عندك قدرة على التمحيص والترتيب! 

حددي أولوياتك حسب أهميتها ويستحسن كتابتها وكتابة درجة أهميتها في قائمة ووضعها على جدار الغرفة.

ومن الأمور المهمة في المضي هي الحزم مع النفس وقوة الإرادة والبدء بالأصعب والاستغلال الأمثل والجاد للفراغ والوقت وتذكر أنه لا يعود وأن الفرص لا تتكرر والحذر من الإسراف في فضول الكلام والمنام والطعام.


قاوِمي فراغك بما ينفع!

ولا تجعلي برامج التواصل وغيرها ملاذك الوحيد في وحدتك فإن الفراغ باب بلاء ومفتاح كل فتنة .. 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

‏من أعظم الأشياء ضرراً على العبد بطالته وفراغه فإن النفس لا تقعد فارغة ، بل إن لم يشغلها بما ينفعها شغلته بما يضره ولا بدّ.

"نحتَاج إلى المُكابَدة"

فراغ الوقت عند المسلم! 


الأصل أنه لا مكان لهذا المصطلح لهذا في حياة المسلم ويومه! 

{فإذا فرغت فانصب} فقال الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم فإذا فرغت من أمور الدنيا، انصب إلى ربك بالعبادة والدعاء، فالمؤمن تشغله أمور الدنيا من العلم، والعمل، والمأكل، والمشرب، وغيرها من الأمور.. 

فإذا فرغ منها اشتغل بالعبادة والدعاء! 

لأن الفراغ ثغر من ثغور، فإن لم يشغل هذا الثغر شغله الشيطان! 

فإذا لم يشتغل لسانك، أشغل الشيطان عقلك بالوساوس! 

فعليك بواجب الوقت، لا تترك الدقائق ولا الساعات تمر دون أجر، وهذا بإبداء النية، واجعل من العادات اليومية عبادات، العلم عبادة، والعمل عبادة، المأمل والمشرب عبادة، الرياضة عبادة.. 

فقط انوِ أنها لله، تقوي جسمك للعبادة والوقوف بين يدي الله! 

لا تشغل نفسك بمفهوم "فراغ الوقت" كي لا يشغلك الشيطان!

الفراغ سبب للمعاصي، سبب للإخفاقات، سبب للأمراض النفسية، سبب للمشاكل واستجلاب الخلافات، اشغلي نفسك بما ينفعك من طاعة ربك، ثم صلاح دنياك
اقض وقتك في تحقيق تطلعاتك، وتحقيق أهدافك..!

قال ابن مسعود رضي الله عنه :
" إني لأكره أن أرى الرجل فارغًا، لا في عمل دنيا ولا آخرة "

وقال رسول الله ﷺ: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" .

واعلمي كذلك أنه لا أجمل وأفضل من لزوم الدعاء إلى الله بالتوفيق والسداد والنجاح والتحلي بالإخلاص والجدية والمثابرة.


قال ابنُ رجبٍ رحمهُ الله:

‏"ما دامَ العبدُ يُلحُّ في الدُّعاء، ويطمعُ في الإجابةِ من غيرِ قطعِ الرَّجاء؛ فهوَ قريبٌ منَ الإجابة، ومَن أدمَنَ قَرعَ البابِ يُوشَكُ أن يُفتحَ له".

قال ابن القيم: "والدّعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن". 

وقال عمر -رضي الله عنه-: "إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك -صلى الله عليه وسلم-".

وإن أردت أن تكون مستجاب الدعوة؛ فتجنب موانع الإجابة.

هل ما يحتاج إلى تصحيح يلغي ضرورة استكمال السير؟


هذا التفكير بالذات وجب إلغاؤه، المسلم يسعى إلى بلوغ قمة التميز والكمال لكن شوائب النقص تبقى لأن الكمال لله وحده! 

السعي نحو التصليح لا يلغي ضرورة استكمال السير! 

إن كنت لا أصلي بشكل أرتضيه مطلقا لا يبرر لي عدم الإقبال على دراسة العلوم الشرعية! 

بل إن هذه العلوم هي سبب من أسباب علاج مشاكل العوام مع الصلاة! 

اعلمي أن القاعدة "المعبود قبل العبادة، الأمر قبل الأوامر، الله قبل الطاعات"..

أن تقبلي على معرفة الله عز وجل يختصر عليك كل طرق والبحث والسعي والسؤال! 

لأن الطريق إلى الله لا يكون إلا بالله!

من أراد العلا على طريق الطاعة عرف أن الحق في إدراك أن المعبود هو المقصد والغاية والعبادة هي الوسيلة وليس العكس! 

فأقبلي على الطاعات والعبادات بما استطعت واجتهدي في طلب العلم خاصة باب العقيدة، باب الأسماء و الصفات وستشعرين بأثره مع مرور الأيام في عباداتك.. 

هل "العلم الشرعي" صعب المنال؟


طبعا لا، فالعلم متوفر في كل مكان ولو كانت عندي رغبة حقيقية لطلب العلم فعلي التعلم بنفسي بدون لوم من حولي على تقصيري وفتوري وجهلي ..! 

نحن نحتاج إلى همة وعزيمة لتثبيط الشتات الحاصل في أنفسنا، علينا التفقه في كيفية التعامل معع التراجع والفتور، فليس كل فتور هو انتكاس، فإن شعرت بالملل والكسل خففت بدل انقطاعي!
وسددت وقاربت بدل انتكاسي!

نفسك تحتاج إلى تأشيرة عبور من صف التكاسل إلى صف التأمل في الحال ووضع اعتبارات لكل ماهو حولي!

أريد طلب العلم الشرعي سأفعل والآن، أريد حفظ القرآن في نفسي؟ الآن أفتح المصحف وأبدأ بالحفظ! 

طريق الدنيا لا يُزرع فيه الهواء وننتظر من أرضه ثمارا، بل وجب علينا زرع المطلوب لنحصد ما نريد!

ودائما نذكر أن المنهجية الصحيحة تكون بالأوجب فالأوجب.. 

فيبدأ المسلم بما هو فرض عين عليه، فالواجب على كل مسلم أن يتعلم ما يلزمه تعلمه من أحكام الشرع وما لا يسعه جهله، ومن ذلك، العقيدة الصحيحة، علم أحكام الطهارة والصلاة والزكاة.. 

نسأل الله التوفيق والسداد..