القائمة الرئيسية

الصفحات

تحصيل معارف الأمومة قبل الزواج

 


تسأل هل أقرأ كتبا وأحضر دورات عن الأمومة في مرحلة العزوبية؟ 

نعم، بل هذه الفترة هي فترة التجهيز والتعلم وتحضير العدة والعتاد، الكل يعلمك كيف تديرين شؤون البيت من طبخ وترتيب وهذا الغالب والمعروف في الروتينات اليومية، لكن من ذا الذي يعلمك كيف تكونين أما صالحة!

استغلي هذه الفترة في القراءة وتحصيل الزاد، وتيقني أن التحصيل في الوقت الحاضر هو الحصاد والمحصود في تربيتك مستقبلا، تأهبي لكل ما في الزواج من غايات ومقاصد! 

بقدر اهتمامك بأن تكوني زوجة صالحة اهتمي بأن تكوني أما صالحة! 

تحصيل الأسس، وفقه الأولويات، وفقه التعامل وفقه الواقع، وصرف بوصلة الغاية والمقصد وتحقيق الوسائل.. 

هي أمور وجب تعلمها والتعامل معها، معرفة مراحل نمو الطفل وتغير النفسية والتعامل حسب المرحلة العمرية، فالطفل في الطفولة ليس هو في المراهقة.. 

هل هذا يعني أن التربية أمر عسير؟ 


إن أخذنا هذا المفهوم بالمنهج المتداول والعرف الغالب فهي أمر يسير وهذا ما رأيناه في آبائنا وأجدادنا كانوا موقنين أن في مقدور الآباء والأمهات تحمل مسؤوليتها والقيام بها. ومن قديم الزمان والناس يربون أولادهم بطريقة تلقائية، أي كما رأوا وسمعوا وألفوا. وأكثرهم يربّي ابنه كما رُبِّي هو، ويسلك كما سلك الذين من قبله بلا تمحيص ولا دراسة.. 

وهنا مربط الفرس، المنهج التأسيسي مهم جدا وهذا يعود بنا إلى ضرورة الاطلاع على نهج السلف والصحابة واتباع الكتاب والسنة في سفاسف الأمور كي يغدو الطفل رجلا يقوم بهذه الأمة! 

وهنا وجبت الإشارة إلى نقطة مهمة، حين كان التيار في السابق إلى إنشاء جيل مفعم مسؤول وجعلوا غاية العيش والحث على التحمل والصبر مبلغ العلم والعمل، مما أنتج إهمال جانب الاطلاع على نفسية الطفل ومراحل النمو الفكري والجسدي، فتم تحصيل تيار معاكس في هذا الزمن فكان ناتجه إفراط شديد في مراعاة الجانب الشعوري والنفسي للطفل، فبالغوا في الاطلاع على الأساليب والانتهاج والمسايرة في كل أمر وفي كل خطوة ومراعاة الميولات والشخصيات والأهواء!

فالأساليب التربوية، والخطابات المعاصرة، العقلية الأسرية والفردية، الأسس المنهجية في العطاء والحوار والأخذ والرد، المنظومة التعليمية..، كل هذه المفاهيم والمنظومات منذ أن سارت مع متغيرات الحداثة والعصرنة أصبح إنتاج الأمة محصورا في زاوية واحدة! 
إنتاج جيل هش نفسيا، منهمك عقليا، منهزم ذاتيا! يشتكي من أبسط الأمور، يسقط عند أول عثرة..، وما حظينا بالغاية والمبتغى!، ولم نتفرد بالجيل الصاعد ولم نعش التصعيد الفرداني ولا الاجتماعي، بل قل عدد النابغين وزاد عدد الهشين وأصحاب الأمراض النفسية.. 

وذكرنا هذا سابقا في مقال "كيف أربي ابني بعيدا عن الهشاشة النفسية؟

ونعود لنفس السؤال، هل التربية حقا صعبة؟ 

التربية والأمومة هي فطرة، لكن الاختلاف الحاصل هو الهرج والمرج والتكثيف والتشديد في هذا الباب، هو أمر محمود إن كانت المرأة نفسها تعلم ما يسود حولها من موبقات وفتن، فتزداد ضرورة ارتفاع الحس الأمني لها كأم لتدرك فعليا أنها في موقع دفاع وهجوم، تربي ابنها بما يبتغيه الشرع وتجاهد في التقدم ورفع الهمة ويكون سبيلها الوحيد أن تكون "أما بأمة!" 

كما ذكرت في رأس المقال، هي أسس وجب اتباعها فقط..

وخلاصة الكلام أن التربية في الأصل هي مسؤولية وليست عملية عسيرة، ولا مهمة مستحيلة، والتسهيل يعود إلى قدر التحصيل، كلما اطلعت وحصلت كانت المشكلات بضيق الأفق، فلا ترينها عويصة لا تُحل، ولا سهلة فترمين بها إلى التهوين! 

خذوا الأمور بأحجامها وأنزلوا المسائل منازلها، والكل يستطيع أن يربي وينشئ جيلا صاعدا متفردا متميزا إن علا سقف الإرادة والاختيار! 

اختاري أن تكون أما صالحة مصلحة، حددي معالم الطريق وسيري وتوكلي على الله عز وجل! 

واعلمي أنكِ أم بأمة! تستطيعين تغيير كل المعادلات بحسن صنيعك في البنين والبنات!
فأحسنّ دور القدوة وأحسنّ التربية! 
ولا تزدن همّا على الأمة بعالة من الجيل الهشيش غير النافع!
والسعي لإنشاء جيل صالح مصلح هو جهاد! 
فمن جاهدت وصبرت وسعت وثابرت في التربية حصدت ثمار الصلاح في أبنائها..!

 وبالله التوفيق..