القائمة الرئيسية

الصفحات

تربويات: التدرج في تأديب الطفل

 


فإذا لم يصلح الطفل التصحيح الفكري ،والعملي، وأصر على ارتكاب الخطأ، كان التأديب حقاً لازماً عليه، ويُتَّبَعُ معه العقوبات بالخطوات التالية:

المرحلة الأولى - رؤية الأطفال للسوط، والخوف منه:

كثير من الأطفال يردعهم رؤية السوط، وأداة العقوبة، فبمجرد إظهارها لهم يسارعون إلى التصحيح، ويتسابقون إلى الالتزام، وتتقوم أخلاقهم، وسلوكهم.

فقد روى البخاري في «الأدب» عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتعليق السوط في البيت.

وروى عبد الرزاق والطبراني عن ابن عباس مرفوعاً: «علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه آدب لهم».

فلا بد من وجود السوط أو العصا في البيت ؛ ليخاف الطفل من أن يتعمد الخطأ، والمعاندة. (1)


المرحلة الثانية- شد الأذن:

وهي أولُ عقوبةٍ جسدية للطفل.

إذ في هذه المرحلة يتعرف على ألم المخالفة، وعذاب الفعل الشنيع الذي ارتكبه،واستحق عليه شدّ أذنه، فقد أورد النووي في «الأذكار» فقال: روينا في كتاب ابن السني عن عبد بُسرْ المازني الصحابي رضي الله عنه قال: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطف من عنب، فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه، فلما جئت أخذ بأذني وقال: «يا غُدر !». (2)


المرحلة الثالثة- الضرب وقواعده: 


"وإذا لم يُجْدِ مشاهدة العصا، ولم يُجْدِ شد الأذن مع الطفل، وما زال مُصِراً على المشاكسة، والعناد، كانت المرحلة الثالثة هذه كفيلة بكسر هذا العناد، ولكن هل الضرب يمشي هكذا بلا ضوابط، وحسبما تهوى أنفس الوالدين والمربين؟

 أم له قواعد تتبع لكي يسير في مساره الصحيح القويم.

 فما هي هذه القواعد؟

القاعدة الأولى- ابتداء الضرب من سن العاشرة: انطلاقاً من الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد حسن: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر»، فإن ابتداء الضرب يكون في سن العاشرة؛ وذلك لأنه التقصير في عمود الدين، وركنه الأساسي، والذي يحاسب فيه المرء يوم القيامة أولاً بعد العقيدة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن بضرب الطفل على التقصير به قبل سن العاشرة، فمن الأولى في باقي الأمور الحياتية، والسلوكية، والتربوية التي لا تساوي مكانة الصلاة أهمية، ومنزلة عند الله تعالى.

أما ما قبل العاشرة فتتبع المراحل السابقة بكل دقة، وأناة، وصبر، وحلم على الطفل، وفي هذا لفتة نبوية رائعة في تقرير سنِّ الضرب. (3) 

القاعدة الثانية- أقصى الضربات للتأديب ثلاثة، وللقصاص عشرة: 

إن أقصى عدد الضربات، لا يتجاوز في أي حال من الأحوال في العملية التربوية عن عشر ضربات، وذلك لما أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « لا يُجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود».

ورأى القاضي شريح ألا يضرب الصبي على القرآن إلا ثلاثاً، كما غطّ جبريل عليه السلام محمداً ثلاثا.

وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يكتب إلى الأمصار: لا يَقْرِنُ المعلمُ فوق ثلاث، فإنها مخافة للغلام.

وعن الضحاك قال: ما ضربَ المعلمُ غُلاماً فوق ثلاث، فهو قصاص.

فاتضح لدينا أن تأديب الطفل يكون بثلاث ضربات وأقل، والقصاص أكثر من الثلاث إلى العشر. وما فوق العشر ففي الحدود.

وجهل المربي والوالدين بكيفية الضرب ومواصفات أداته، ومكان الضرب، وطريقة الضرب يجعل منه وسيلة للتشفي، والانتقام لا للتربية والتقويم، والبناء؛ لهذا نحن بحاجة إلى هذه المواصفات. (4) 


المصدر: منهج التربية النبوية

(1) صـ 192

(2) صـ 192

(3) صـ 194 

(4) صـ 194/196